إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
تابع لمعة الاعتقاد
51467 مشاهدة
إثبات رؤية الله تعالى في الآخرة

...............................................................................


يقول: والمؤمنون يرون ربهم بأبصارهم، ويزورنه، ويكلمهم ويكلمونه.
أي: أن من عقيدة أهل السنة: أن الله تعالى يتجلى لعباده في الجنة، وأنهم يرونه كما يشاءوا، وأنهم يلتذون لرؤيته، وأن رؤيتهم أكبر نعيم أهل الجنة.
وهذه الرؤية أنكرها المعتزلة إنكارا كليا، وتخبطوا في الأدلة التي جاءت بإثبات الرؤية، وحرفوها تحريفا زائدا.
وأقر بها الأشعرية؛ ولكن إقرارا ليس حقيقيا، فيثبتون الرؤية، ويقولون: إنه يرى في غير جهة؛ وذلك لأنهم ينكرون جهة العلو، أن الله فوق عباده، فيقولون: إن رؤيته معناها: أن يتمثل القلب رؤيته دون الرؤية عيانا بالأبصار. فينكرون الرؤية البصرية التي أثبتها الله تعالى، ويجعلونها معنوية، فلا يكون بينهم وبين المعتزلة فرق، فالجميع ينكرون الرؤية الحقيقية.
وقد نقل عن الأئمة رحمهم الله إثبات رؤية الله تعالى، وتكاثرت الأدلة على ذلك من القرآن ومن الأحاديث، وتكلم عليها العلماء، وبينوا دلالتها، فذكرها ابن القيم في كتابه حادي الأرواح وفي غير ذلك من كتبه، وسرد من القرآن سبعة أدلة من القرآن، وسرد من الأحاديث أكثر من أربعين حديثا، واستوفى طرقها، وذكر وجه دلالتها.
وأنكر ذلك المعتزلة، واستدلوا بآيتين من القرآن: الآية الأولى: قصة موسى لما قال: رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي فقالوا: كلمة لَنْ تَرَانِي تدل على أنه لا يرى. وهذا خطأ، فإن كلمة لن لا تدل على النفي المؤبد، يقول ابن مالك في الألفية:
ومـن رأى النفـي بلـن مؤبـدا
فقـوله اردد وسـواه فـاعضـدا
لا تدل كلمة لن على النفي المؤبد، ودليل ذلك من القرآن: قول الله تعالى عن اليهود: وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا أي: لن يتمنوا الموت أبدا؛ مع التأكيد بكلمة أبدا؛ ومع ذلك أخبر بأنهم يقولون في النار: يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ أي: ليمتنا. وفي الآخرة يتمنون الموت، فدل على أن المراد في الدنيا، أن قوله: وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ يعنى: في الدنيا. فكذلك قوله: لَنْ تَرَانِي يعني في الدنيا.
ثم نقول: إن موسى سأل الرؤية، وموسى نبي الله وكليمه، كلمه الله تعالى تكليما، فهل يجوز أن يكون المعتزلة أعلم بالله من موسى الذي هو نبيه وكليمه، والذي كلمه تكليما، والذي اصطفاه وقال: وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ؟! كيف يكون الجاحظ مثلا، أو . الذهلي أو نحوهم، وأبو الهذيل ومن أشبههم يكونون أعلم بالله تعالى من نبيه موسى ؟!.
ثم يقال أيضا: أن الله تعالى ما عاتب موسى ولا أنكر عليه بشدة كما عاتب نوحا لما سأل نجاة ولده، فدل على أنه سأل شيئا ممكنا.
ثم نقول: إن الله تعالى قال: انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي استقرار الجبل ممكن، وقد علق الله تعالى عليه الرؤية بقوله: فَسَوْفَ تَرَانِي فدل على أنه ممكن.
ثم يقال: إن الله تعالى تجلى للجبل، وإذا جاز أن يتجلى للجبل جاز أن يتجلى لعباده في الجنة؛ ولكن ابن آدم في هذه الدنيا لا يتحمل أن يتجلى له الرب، إذا كان الرب لما تجلى للجبل خر الجبل واندك لعظمة الله تعالى، فكيف يثبت البشر؟!
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى احتجب بالنور في حديث مشهور، قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار، وعمل النهار قبل الليل، حجابه النور؛ لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه فدل على أنه احتجب بالنور.
وفي أحاديث الإسراء سأل أبو ذر النبي صلى الله عليه وسلم: فقال هل رأيت ربك؟ فقال: نور أنى أراه أي: كيف أراه ودونه هذه الأنوار، فدل على أن هذه الآية دليل على إثبات الرؤية؛ لا أنها تدل على نفي الرؤية.
ثم من أدلتهم: آية الأنعام، قوله تعالى: بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ فهذه الآية لَا تُدْرِكُهُ يعنى: لا تراه. وهذا خطأ، فإن الإدراك شيء زائد على الرؤية؛ لأن الإدراك: هو الإحاطة. أي لا تحيط به الأبصار إذا رأته؛ ولكنها تراه من غير إحاطة. فالرؤية دون الإحاطة، الإحاطة: شيء زائد على الرؤية. فالإدراك لا يمكن . لَا تُدْرِكُهُ يعنى لا تحيط به.
سئل ابن عباس عن معنى هذه الآية فقال للسائل: ألست ترى القمر؟ قال: بلى. قال: أكله؟ قال: لا. قال: فكذلك الإدراك. يعنى: أننا نرى القمر؛ ولكن لا ندركه كله، فلا نرى إلا ما يقابلنا منه. ثم إذا رأيناه لا ندري ما ماهيته، هل القمر من الزجاج؟ هل هو من حديد؟ هل هو من تراب؟ هل هو من حجارة؟ لا ندري هذا معنى الإدراك. الإدراك يعني: إدراك كنه الشيء، وإدراك ماهيته. فدل على أن هذه الآية دليل عليهم؛ لا أنها دليل لهم، يعنى: ما تراءته الأبصار فإنها لا تحيط به؛ وذلك دليل على عظمته. فهاتان الآيتان دليل على إثبات الرؤية؛ لا دليل على نفيها.